mercredi 10 octobre 2007

مسرحية خمسون في مهرجان المسرح الحديث

خمسون... والمركّب الثقافي بالقيروان

كنت شديد التلهّف لمشاهدة مسرحيّة "خمسون" للفاضل الجعايبي وجليلة بكّار... لم أسع لمشاهدتها في المسرح البلدي وبقيت أنتظر مرورها بالقيروان لأنّي أعلم نوع العلاقة بين جمهور المسرح هنا والمسرح الجديد التي تحتفل بأصحابه دائما، وبالفعل برمج ربيع الفنون في دورته الحاليّة عرضا لهذه المسرحيّة الحدث وجازف ببرمجتها في القاعة الكبرى للمركّب الثقافي أسد بن الفرات... نعم جازف لتآكل هذه القاعة وغياب الصيانة عنها فهي غير مجهزة بمحامل وظيفيّة للأضواء فوقيّة أو أماميّة أو حتّى جانبية كاملة مع ضعف الطاقة فيها ممّا يجبر الفرق التي تحترم عملها إلى جلب كامل معدّاتها معها قبل أيّام من العرض، فالفريق التقني لمسرحيّة خمسون أمضى أيّاما قبل العرض وهو يركّب محامل فولاذية جديدة للأضواء مع كاشفات ضوئية خاصّة جلبها معه حتّى يتمكن من تنفيذ العرض في ظروف تقنية مقبولة، كذلك أضطر سليم الصنهاجي إلى التخلي عن سينوغرافيته في عرضه أيام مهرجان المسرح الحديث المنعقد في شهر مارس لأنه لم يجد كيف يحرك أجزاء ديكورها لغياب المحامل الضرورية لذلك و الأتعس من هذا كله انقطاع الكهرباء مرتين خلال عرض مسرحية" خمسون" وانقطاعه نصف ساعة كاملة في عرض ساعة ونصف بعدي أنا لنضال قيقة في مهرجان المسرح الحديث.
نعم انقطع التيار الكهربائي عن القاعة مرتين ليصيح الجعايبي متعجبا: آه يا قيروان ... فالرجل ظن نفسه يعرض في مقديشو أو طمبكتو لأنه يعرف تاريخ هذه المدينة العريق في المسرح.. أتساءل:لماذا هدا التراخي في صيانة هذه القاعة وهي الوحيدة في هذه المدينة بعد بيع الكازينو البلدي وهدمه وتركه أرضا بيضاء تهرّج فيها الفئران والأفاعي...ماذا ينتظر المسؤولون عن الثقافة في القيروان للاهتمام بها وتهيئته ركحها كهربائيا وميكانيكيا؟ متى يغيرون كراسيها المزعجة وغير المريحة؟متى يغلقون بابها عند بداية كل عرض ولا يتركونه مفتوحا حتى تصيح حليمة داود في مهرجان المسرح الحديث من فوق الركح مطالبة الجمهور الكف عن الدخول والخروج وتركها تركز في عملها؟ والسؤال الأهم متى يرى مركز الفنون الدرامية النور وهو الذي وعد به سيادة رئيس الجمهورية ولاية القيروان منذ سنوات ونفّذ وعده بأن خصص 500ألف دينار للبناء وذلك منذ سنتين أو أكثر ولكن لم ينفذ هذا المشروع إلى الآن بدعوى عدم العثور على أرض ولكن القيروان أضحت طوكيو أو باريس...
المركّب الثقافي يلزمه تأهيل شامل بشريا وماديا أفيعقل أن يبقى مركب ضخم مثل هذا دون تقنيين مختصين ومنشطين متخرجين من المدارس العليا للتنشيط الثقافي و الشبابي؟؟
أعود الآن إلى مسرحية "خمسون" التي واكبها جمهور محترم أجهد نفسه على البقاء صامتا رغم تشويش الكراسي وتشبث بالعرض رغم انقطاعات الكهرباء..
أول ملاحظة يمكن سوقها هي طغيان النص وتواصل وجود الراوي، فإن كان الراوي في مسرحية جنون هي الطبيبة النفسية التي تقرأ مذكراتها الطبية بخصوص حالة مريضها نون فإن الراوي في "خمسون" غير مرئي وإن كان مسموعا فهو يتلو الأحداث ويصف الأمكنة والأزمنة ويتقدم بأحداث المسرحية, وإن كانت قراءة الطبيبة لحالة مريضها في جنون موظفة دراميا باعتبار أن ذلك يدخل في صلب عمل الطبيب النفسي الذي يدون ملاحظاته لمتابعة المريض وبالتالي لم تكن عائقا فنيا بل شكلت إضافة فإن إعادة نفس الحكاية في "خمسون" تترك العمل خاليا من روح خلاقة ومن تصورات درامية أخرى تلهب العمل أكثر وتقوي في نسقه الذي يسقط أحيانا كثيرة في العرض فتعويض الحوار والديكور بالقراءة حل سهل ولكن ها كان اختيارا ومنهجا من المخرج أم شيئا آخر؟؟
ابتدأ العرض بشكل رتيب،ممل، صامت، مظلم، أشباح تدور في حلبة مربعة، تجلس على كراسي، تخرج... صمت طويل أعقبه كلام كثير.
هذه البداية لم تشدني كثيرا حقيقة أما إذا كان قصد الجعايبي من وراء ذلك بث املل فقد نجح في ذلك.
لن أعرج كثيرا عمّا قيل في فك رموز هذه المسرحية التي حقيقة لا تحمل رموزا البتة فهي تحكي بشكل مباشر عن اليسار المريض واليمين المتطرف وبعض الانتهازيين لكن شدني خصوصا جمال مداني حين لعب دورا مركبا يجسّد فيه دور قدّور الشرطي المتقاعد ... جمال يبدع في هذه النوعية المعقدة من الأدوار ويضيف إليها الكثير من روحه المسرحية الكبيرة.
هذه بعض الملاحظات العابرة أردت سوقها ولكني أعترف أني بحاجة لمشاهدة هذه المسرحية مرة أخرى ولكن في المسرح البلدي هذه المرة أو حتى في اليابان لأتمكن من قراءتها قراءة فنية صحيحة دون انقطاعات كهربائية ودون ضجيج الكراسي المفككة وأبواب المسرح المفتوحة.

Aucun commentaire: